سرت بين نيران صديقة وشماتة الأعداء

دمرت سرت عن بكرة أبيها، التقديرات الأولية تفيد بأن الخسائر كبيرة، وبأن أغلب المباني ستدخل قوائم الإزالة بعد أن تجاوز الضرر أمكانية أعادة صيانتها، سرت اليوم تواجهه خطر أمراض وكوراث بسبب القمامة والجثث وأنهار المياه التي فاضت من صرفها الصحي بسبب القصف المكثف.

سرت كان يمكن أن تسقط بغير هذا العنف وخصوصاً أنها محاصرة ومخارجها تحت السيطرة، ولكن فضل الجميع أن يسيل المزيد من الدم فيها وكأننا نملك من الشباب ما يكفي لكل هذه الحروب وبحسب رأيي ذلك التعنت في الرأي مرده محاولة الإنهاء السريع للعبه الحرب دون تقدير لمدى الضرر الذي سيلحق بشباب هذه البلد التي لا تملك منهم الكثير.

لم يكن هذا القرار للشباب الذين كانوا يموتون من الطرفين كل يوم، بل كان من وراء الكواليس وخلف المكاتب الفارهه وعبر أغراض ليست بحسنه على الإطلاق دفع تمنها من يخترق الرصاص أجسادهم على مدار الساعة، ودفع ثمن تلك النوايا من بثنا نراهم في كل زاوية وفي كل ركن والإعاقة تكتنفهم والإهمال يزيد من معاناتهم، وسنشهد المزيد منهم لتعتصر القلوب عليهم حزنا وألماً، ونسأل الله أن يعجل بالفرج عليهم ويردهم لدويهم سالمين.

 اتصال هاتفي من شخص لا أريد أن  أذكر أسمه، كان في أحد البرامج على القنوات الليبية وهو من أصحاب القرار ليفتتح الحديث بعبارات تنم عن شماتة كبيرة بما حدث لها ولأهلها لأنه وبحسب قوله ( مدينة انتفعت من القدافي سابقاً) وأن على أهلها تدبر أمرهم بالعمل طوعاً على أعادة إعمارها.

لم يكلف نفسه عناء تطييب خواطر النازحين منها حتى بكلمة طيبة تحسب له صدقة، وينسى هذا المحترم بأن سرت حوت الكثير من البسطاء والذين لم يكن لهم أي علاقة لا بدولة العقيد ولا بثورتكم ومع هذا فإن الأحكام المطلقة وفي جميع الأحوال غير مقبولة بأن تطلق على مدينه دكها الناتو والمدفعية وشرد أهلها فإن لم تكن تملك ما تساعدهم به أو أنك لا تريد أن تمد لهم يد العون فأكتفي بالصمت بدل أن تزيد في معاناتهم بكلامك الجارح والشماتة التي باتت واضحة في كلماتك.

سرت بالأمس وسرت اليوم وسرت غداً هي مدينة ليبية لها ما لليبيين وعليها ما عليهم وهذه هي المساواة والعدالة التي دمرتموها لأجلها فكفوا عن الكيل بمكيالين كما هي عادتنا، وهلا كففنا عن هذه الجهوية المقيتة؟